وثيقة المعايير والمخرجات التعليمية

تعد وثيقة المعايير والمخرجات التعليمية، المنجزة من قبل وزارة التربية، الأولى من نوعها في الجمهورية العربية السورية تقريباً، فهي تنطوي على مجموعة المعايير التي تؤسس عليها الكتب والمناهج الدراسية فيما بعد، الأمر الذي يعني أن تطوير الكتاب المدرسي في المراحل القادمة لم يعد يخضع لاعتبارات ذاته تتعلق بهذه المجموعة أو تلك من المؤلفين، أو باتجاهاتهم الفكرية أو ميولهم الثقافية والاجتماعية، إنما تأتي في سياق مجموعة من المبادئ والمعايير التي تنتظم بها مناهج التدريس بصورة عامة.
ولهذا تعد دراسة هذه المعايير أمراً بالغ الأهمية من النواحي التربوية والاجتماعية والثقافية المختلفة، لما تتصف به من كونها تشكل الأساس الذي تبنى عليه مناهج التدريس، والأساس الذي تبنى عليه عمليات التربية الاجتماعية للأبناء في المستقبل، وبالقدر الذي تحمله من جوانب هامة وأساسية بالنسبة إلى العملية التربوية، بالقدر الذي تنطوي عليه أيضاً على مجموعة كبيرة من المخاطر التي يمكن أن تهدد العملية التربوية إذا لم تستوفي حقها في الدراسة والتحليل والمراجعة العلمية.
إن مناهج التدريس في المؤسسات التعليمية والتربوية تعد واحدة من الدعائم الأساسية للنظام التربوي بصورة عامة، لما توصف به من بعدين أساسيين، أولهما بنيوي والآخر وظيفي، فهي، من جهة أولى،  تشكل العنصر الثالث من العناصر البنيوية المكونة للعملية التعليمة والتربوية، إلى جانب كل من المعلم وطالب المعرفة، ومع غيابها، أو غياب أي من العنصرين الآخرين تنتفي هويتها وطبيعتها، وتنفي إمكانية وصف العملية بأنها عملية تعليم، أما العناصر الأخرى المكونة للنظام التعليمي كالبناء المدرسي، والتقانات المستخدمة في التعليم، فتأتي في المواقع التالية بعد العناصر البنيوية الأساسية.
ويصف البعد الثاني لمناهج التدريس العملية التعليمية بالشمولية، حيث تأخذ مسارات التعليم طرقاً متشابهة ومتقاربة حتى مع تعدد الأمكنة وتبدل الظروف، الأمر الذي يجعل العملية التعليمة ذات وظيفة اجتماعية حيوية بالنسبة لأبناء المجتمع الواحد، فقد تؤدي مجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية والمكانية إلى انتشار مناهج مختلفة للتدريس، في أهدافها وغاياتها، مما يسبب في تنوع الاتجاهات، وعدم التوافق في المعارف، حتى بين المستويات المتقاربة، في حين يؤدي الاعتماد على مناهج تدريس واحدة إلى انتشار لغة اجتماعية واحدة تجعل التفاعل الاجتماعي مفهوما حتى مع تغير المكان، وتبدل الظروف.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق