اتجاهات رأي معلمي التعليم الأساسي نحو أولوية المشكلات التربوية

تعترض العملية التربوية مجموعة من المشكلات النفسية والاجتماعية والتنظيمية التي تعيق نجاحها، الشكل المخطط لها، وبالشكل الذي يضمن تفاعل العملية التربوية مع مستجدات العصر وتحدياته، وبينما ينطوي بعض هذه المشكلات على بعد نفسي يتعلق بأوضاع التلاميذ والطلبة في المراحل المختلفة، يلاحظ أن مشكلات أخرى تتصف ببعد اجتماعي تبرز مظاهره في طبيعة العلاقات الاجتماعية بين المعلمين أنفسهم تارة، أو بين المعلمين والطلبة تارة أخرى، أو بين الهيئات التعليمية في المدارس وأرباب الأسر تارة ثالثة.. وهكذا.
كما يلاحظ أن قدراً كبيراً من المشكلات يأخذ بعداً تنظيمياً، يرتبط بوضوح أهداف العلمية التعليمية بين العاملين فيها، وطبيعة والنظم واللوائح الناظمة لها، وطرائق التدريس، وتكامل الأدوار في المؤسسة التعليمية، بالإضافة إلى مشكلات أخرى تتعلق بالبناء المدرسي، والتجهيزات المدرسية، والمادة العلمية، وطرائق التدريس، وكفاءة الخريجين، وغيرها من المشكلات المتعددة.
وبصرف النظر على الأسباب المتعددة التي يمكن أن تؤدي إلى هذه المشكلات، فإنها تترك آثاراً كبيرة على العملية التربوية وتعيق عملها وتحول دون تحقيق أهدافها في تنشئة الأبناء وإكسابهم القيم والاتجاهات الاجتماعية والمعارف التي تؤهلهم للتفاعل مع مستجدات العصر وتحدياته، كما أن تكامل العملية التربوية يجعل بعض مظاهرها أسباب لبعضها الآخر، وما هو نتاج لجملة من الأسباب حيناً، يصبح سبباً لمجموعة من النتائج حيناً آخر.
وبالنظر إلى أن رصد المشكلات الأكثر إلحاحاً يرتبط في كثير من الأحيان بخصوصية التجارب التي يعيشها الباحث، أو المعلم، فليس من اليسير القول بأن هذه المشكلة أو تلك تأتي في المقام الأول موازنة مع المشكلات الأخرى، ذلك أن تقييم حجم المشكلة يختلف بين الأفراد باختلاف مواقعهم الإدارية والتنظيمية والتعليمية، كما أنه يختلف باختلاف الخبرات والكفاءات التي تميز العاملين عن بعضهم بعضاً، ولهذا فإن أي تقييم ذاتي لأولوية هذه المشكلة أو تلك إنما هو رهن بتجربة هذا التقييم وحدوده المكانية والزمنية، ومن الخطأ العلمي والعملي أن تبنى خطط التطوير على أساس التقييم الشخصي للمشكلات.
وفي سياق الجهود التي تبذلها وزارة التربية في عملية الإصلاح التربوي الشامل أعدت مديرية البحوث، وبالتعاون مع مجموعة من الخبراء والباحثين في جامعة دمشق لدراسة علمية شاملة لمجمل المشكلات التربوية التي تعترض سير العملية التعليمية في مؤسسات وزارة التربية، وذلك من تحليل اتجاهات المعلمين والطلاب وأولياء الأمور ومديري المدارس في المراحل التعليمية المختلفة. وبنيت هذه الدراسة على تحليل قرابة (25) ألف استبيان تم توزيعها على عينة مختارة عشوائياً من الشرائح المشار إليها في المحافظات السورية قاطبة.
وفي ضوء هذا التصور تهدف الدراسة إلى رصد هذه المشكلات بغية توضيح أهميتها النسبية، وموقع كل منها بالنسبة إلى المشكلات الأخرى، على مستوى إجمالي المؤسسة التعليمية بكليتها، وعلى مستوى المؤسسات التعليمية في كل محافظة من محافظات الدولة، الأمر الذي يسهم في توضيح أولوية الأعمال المطلوبة في الوقت الراهن، ويبني الخطط المستقبلية على أسس من التخطيط العلمي والدراسات الميدانية المعمقة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق